كانت نادية تجلس وحيدةً في غرفتها، تحاول جاهدةً أن تتجاهل الواقع الذي تعيشه. لم تكن قادرة على مواجهة الحقيقة المؤلمة التي أصبحت جزءًا من حياتها اليومية.
في الخارج، كان العالم يتحرك بسرعة، بينما كانت نادية تغرق في عالمها الخاص، رافضةً الاعتراف بما حدث. كانت تعيش في إنكار مطلق، مقتنعةً بأن كل شيء سيعود إلى طبيعته في النهاية.
تذكرت نادية الأيام الجميلة التي قضتها في بلدها الأصلي، الصومال. كانت تتذكر الضحكات والأصوات المرحة التي ملأت حياتها هناك. لكن تلك الأيام باتت مجرد ذكريات بعيدة، خلفها حياة جديدة مليئة بالتحديات والصعوبات.
منذ أن هربت من الحرب في الصومال وهي تحاول البقاء على قيد الحياة في تركيا. كانت تعيش في مخيم للاجئين، تعاني من الفقر والحرمان. لم تكن قادرة على التكيف مع هذا الواقع الجديد، فاختارت الهروب إلى عالم من الإنكار والخيال.
في أحد الأيام، قررت نادية الخروج من غرفتها والتجول في أروقة المخيم. كانت تريد أن تتأكد من أن كل شيء حقيقي وليس مجرد حلم. ولكن ما رأته جعلها تشعر بالصدمة والألم.
رأت العديد من الأطفال الصغار يلعبون ويضحكون، بينما كانت أمهاتهم يحاولن إعداد الطعام على نيران ضعيفة. شاهدت الرجال يجلسون على الأرض، يتبادلون الحديث بهدوء. كانت تلك المشاهد تذكرها بالحياة التي تركتها وراءها في الصومال.
في تلك اللحظة، أدركت نادية أنها لا تستطيع الاستمرار في الإنكار. كانت هناك حقيقة لا مفر منها: لقد فقدت كل ما كان عزيزًا عليها. لم تعد تملك بيتًا أو عائلة أو أصدقاء. كل ما كان لديها الآن هو هذا المخيم البائس والحياة الجديدة التي لا تستطيع التأقلم معها.
دمعت عيناها وهي تفكر في كل ما خسرته. لم تكن قادرة على احتمال هذا الواقع المؤلم. لكن في تلك اللحظة، شعرت بيد تلامس كتفها برفق. كان ذلك أحد جيران المخيم، امرأة عجوز من بنغلاديش.
“هل أنت بخير، يا ابنتي؟” سألتها بلطف.
نظرت نادية إليها بحزن وأومأت برأسها. لم تكن قادرة على الكلام. ولكن في تلك اللحظة، شعرت بأن هناك من يفهمها ويشاركها معاناتها.
ربما كان هذا بداية التغيير. ربما كانت هذه المرأة العجوزة هي من سيساعدها على مواجهة الحقيقة والبدء في بناء حياة جديدة. لم تعد نادية قادرة على البقاء في عالم الإنكار. كان الوقت قد حان لقبول الواقع وللمضي قدمًا.